من هو العزيز الوهاب؟ ولماذا لا يُطلق إلا على الله؟
مقدمة: أسماء الله الحسنى ليست كأي أسماء
في الإسلام، لله تعالى أسماء حسنى وصفات عليا لا يشترك فيها أحد من خلقه. ومن بين هذه الأسماء الجليلة "العزيز" و**"الوهاب"**، وهما اسمان لا يجوز إطلاقهما على أي مخلوق كما هما دون إضافة أو تقييد، لأنهما يعبّران عن كمال لا يبلغه بشر.
المحور الأول: معنى اسم "العزيز"
1. التعريف اللغوي والشرعي
-
في اللغة: العزيز هو الذي لا يُغلب، القوي الذي لا يُذل، والنادر الذي لا مثيل له.
-
في الشرع: العزيز هو الذي له الغلبة التامة، والقوة الكاملة، الذي لا يُضام في ملكه، ولا يُقهر في أمره.
2. وروده في القرآن الكريم
ورد اسم الله العزيز في مواضع كثيرة، منها:
"وهو العزيز الحكيم" – [الحشر: 24]
"إن ربك هو القوي العزيز" – [هود: 66]
3. لا يُطلق على البشر
لا يُقال عن إنسان أنه "العزيز" بهذا الإطلاق، لأن العزة الكاملة لا تكون إلا لله. أما الإنسان، فقد يوصف بالعزة النسبية، لكنها مقيدة بضعفه واحتياجه.
المحور الثاني: معنى اسم "الوهاب"
1. التعريف اللغوي والشرعي
-
في اللغة: الوهاب هو كثير العطاء، يعطي بدون طلب، وبدون مقابل.
-
في الشرع: الوهاب هو الذي يهب النعم بلا حدود، ويعطي بلا استحقاق، ويفيض بجوده ورحمته على عباده.
2. وروده في القرآن الكريم
من أشهر الآيات:
"رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ" – [آل عمران: 8]
"إِنَّ رَبِّي لَغَنِيٌّ كَرِيمٌ" – [النمل: 40]
3. لا يجوز وصف البشر بـ "الوهاب"
لا أحد من البشر يملك القدرة على الهبة الدائمة بلا مقابل، فالوصف "الوهاب" المطلق لا يليق إلا بالله، لأنه يعطي دون انتظار، ولا ينفد عطاؤه أبدًا.
المحور الثالث: هل يجوز إطلاق "العزيز الوهاب" على غير الله؟
1. من ناحية العقيدة
لا يجوز شرعًا إطلاق هذين الاسمين مجتمعين أو منفصلين على غير الله دون تقييد. لأن ذلك يوهم بمشاركة الله في صفاته، وهذا من محاذير الشرك أو التشبه بالله في صفاته الخاصة به.
2. الفرق بين الإطلاق المطلق والإضافة
-
لا يجوز أن تقول: "فلان هو العزيز الوهاب".
-
لكن يمكن أن تقول: "فلان له عزة" أو "فلان وهب مالًا"، مع تقييد ذلك بأنه من العبد الضعيف، لا من باب المطلق الإلهي.
3. فتوى العلماء
أجمع أهل العلم على تحريم تسمية الأشخاص بأسماء من أسماء الله الحسنى إذا كانت تدل على كمال لا يكون إلا لله، إلا إن قُيّدت مثل: "عبد العزيز"، "عبد الوهاب".
المحور الرابع: كيف نعيش باسم الله العزيز الوهاب؟
1. الاستمداد من العزة الإلهية
-
لا تتذلل إلا لله، فهو العزيز الحقيقي
-
لا تطلب العزة من المال أو المناصب، بل من الله:
"من كان يريد العزة فلله العزة جميعا" – [فاطر: 10]
2. التوجه إلى الوهاب في الدعاء
-
اسأله الهداية، الرزق، الرحمة... فهو الذي يهب ولا ينقص عطاؤه:
"واسألوا الله من فضله، إن الله كان بكل شيء عليما" – [النساء: 32]
3. كن عبدًا واهبًا لما تملك
-
اقتدِ باسم الله "الوهاب" في التعامل مع الناس: أعطِ من مالك، علمك، وقتك.
-
لكن تذكّر دائمًا أنك لا تهب بشيء إلا مما وهبك الله إياه.
خاتمة: لله الأسماء الحسنى فادعوه بها
العزيز الوهاب هما من أسماء الله الحسنى التي تُظهر لنا كمال القدرة، وكمال العطاء. فلا يُطلقان إلا على الله، ولا يشترك معه فيهما أحد. إن أردت عزة فلا تطلبها إلا منه، وإن أردت هبة فلا تسأل إلا الكريم الوهاب، فهو الذي يُعز من يشاء ويمنح من يشاء بغير حساب.
